الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر ـ رسالة مفتوحة الى الرئيس قايد السبسي: جبال من المشاكل.. وألغام

نشر في  07 جانفي 2015  (11:22)

بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية ها إنّنا أمام جبال من المشاكل، وأوّل ما  أقوله لك هو حذار من «بني وي وي» Béni oui oui الذين ربما قد يعمدون  ـ سواء عن قصد أو دونه ـ الى تمجيدك أو حتى تأليهك.. ورغم انّي أعرف جيدا مستشاريك واحترمهم فاحذر «التصفيق» والكلام المعسول و«التبندير» فإنّ السلطة تغري خاصّة في العالم العربي، وإن كنت واثقا بأنّك «ولد شعب» لكن السلطة تغري بمرور الزمان، فحذار! وإنّي لأقترح عليك بأن تنسج على منوال بورقيبة الذي كان يدعو المثقفين وأهل الرأي ويتناقش معهم دون تسلّط أو قفازات اذ كانت هذه اللقاءات تجري في كنف الاحترام المتبادل..
من جهة أخرى لا تسجن نفسك في قصر قرطاج وابق دائما على اتصال مع الشعب والنّخب  واستمع وسجل أبرز الانتقادات! ولا تنس انّ الملوك والرؤساء يستعذبون الكلام المعسول بتعاقب الأيّام.. كما  اقترح عليكم أن تأذنوا بالقطع التام مع «الإعلام الرئاسي» الساذج ـ والذي ظللت أنتقده طيلة عقود ـ، فالثابت أنه سيحرص على تغطية كلّ لقاءاتك مع الوزراء والضيوف في كلّ وسائل الاعلام لأنّ الرؤساء الذين سبقوك كانوا نرجسيين وينتظرون بفارغ الصبر «شريط الأنباء» ليرضوا غرورهم.. انّ على التلفزة ان تواكب أبرز نشاطاتكم وفي المقابل أن تتجنّب النشاط العادي وانّ اعترض أحد كل هذه الفكرة فثق بأنّه متزلف يخدم مصالحه ولا مصلحة الرئاسة أو البلاد أو الاعلام!
أمّا الأمن فلا أحد يستطيع أن ينكر أنه خرّب في عهد حكومات الترويكا التي جعلت من وزارة الداخلية وزارة مساندة للعنف وانتشار الأسلحة والتكتّم على الارهاب، وهكذا حلت المصائب ببلادنا.. وحتى مع السيد مهدي جمعة ورغم بعض المجهودات فانّ البعض من مديري هذه الوزارة عملوا ما في وسعهم لخدمة المتشدّدين،  وكم كنّا  نودّ لو غيّر الوزير الحالي المديرين والنافذين الذين «غرستهم»  الترويكا في سلك الأمن.. وبما أنّكم مسؤولون عن أمن البلاد فان الوضع يحتم على حزبكم اختيار وزير من حديد في مكافحة العنف والتسيب والارهاب  وفرض دولة  القانون لأنّ معركة الأمن وسحق الارهاب هي معركة وجود.  انّ من واجبكم ومن واجب الحكومة المقبلة وخاصّة رئيسها ووزير داخليّتها ان تتخلوا عن كل المسؤولين الأمنيين غير الوطنيين بمن في ذلك الموجودون أيضا في الحرس والجيش،  كما يتحتم مراجعة ملفات الانتدابات التي سمحت للشباب المتطرّف بالتموقع في وزارتي الداخلية والدفاع وذلك بتواطؤ مع اطراف نافذة في أحزاب الترويكا..  ان  الملف الأمني هو أخطر الملفات لأنّ استقرار تونس ونموّها الاقتصادي مرتهنان به..  انّ حربا استباقيّة شاملة على الارهابيين هي أولى  الأولويات بل انّها أمّ المعارك.
انّ الملف الأمني هو «الملف»! ويكفي الاستماع للأمنيين الجمهوريين الذين تصدوا للمتشددين الدينيين وللارهابيين ولبعض العملاء داخل «الأجهزة» لتقدير حجم  الكارثة والاقتناع بضرورة التعجيل بالتصدّي لهذا الطاعون! وإذا لم يقع تعيين وزير داخلية من طراز رفيع ومديرين ومسؤولين في المؤسسات  المعنية بأمن بلادنا وحدودها فلن تنجح الحرب على الارهاب!
أما على الصعيد الديبلوماسي والتسميات في أهمّ المناصب فينتظركم عمل جبّار وشاقّ لأنّ الترويكا حولت تونس الى شبه دولة حزبية تتحكم فيها «الامبراطورية العثمانية» وامارة خليجية والمنظمة العالمية للاخوان،  ولن أذيع سرّا اذا قلت انّ بعض السّفراء والقناصلة باتوا في خدمة الأحزاب وحتى الارهاب،  وهكذا تشوّهت صورة تونس رغم المجهودات المشكورة للوزير منجي الحامدي الذي تصدى بكلّ قواه لضغوطات المنصف المرزوقي وأحزاب الترويكا الذين فرضوا سياسة خارجيّة منسوخة عن دولة قطر وتركيا!
ومن منّا لا يعرف ان اهمّ  التعيينات في الادارات والوزارات والمؤسسات  «دمّرت» الدولة وجعلت منها شبه دولة خاضعة لأوامر قيادات الأحزاب الحاكمة والمهربين.
في الختام اني على يقين سيدي الرئيس من أنّ عملا جسيما ومرهقا ينتظركم كما انّي علی يقين من أنّ الاعلام  النزيه والناقد سيكون له دور فعّال في دعم الجمهورية وتحصينها، فلا رئاسة رشيدة دون اعلام حرّ..

بقلم: محمد المنصف بن مراد